20 - 08 - 2024

مؤشرات | "العدل الدولية": إسرائيل دولة إحتلال.. وماذا نحن فاعلون؟

مؤشرات |

جاء رأي محكمة العدل الدولية ، بشأن عدم شرعية الاحتلال الإسرائيلي للأراضي الفلسطينية، ضربة جديدة للكيان الصهيوني المحتل، ليضاف إلى قرارات دولية أخرى تؤكد في مجملها اغتصاب الكيان الصهيوني لأراضي وحقوق شعب.

الأهمية النسبية لرأي المحكمة أنه يضع الإحتلال الصهيوني في مأزق جديد، وهو ما دفع تل أبيب لحالة من الغضب والتشويه المتعمد للمحكمة الدولية، خصوصًا أنه سيكون إحدى الأدوات التي تدفع في اتجاه دعم تفعيل قرار المحكمة الجنائية الدولية بمطاردة قادة صهاينة للمحاكمة باعتبارهم مجرمي حرب.

بل هناك من يرى أن رأي المحكمة وإن كان غير ملزم، إلا أنه يعزز من موقف المحاذير التي تتزايد من جانب دول عديدة في التعامل مع هذا الكيان المحتل، ويسهم في التعجيل باتجاه إستدعاء العديد من مجرمي الصهاينة للمثول أمام المحكمة الجنائية الدولية، لمحاكمتهم في جرائم عديدة إرتكبوها بحق الشعب الفلسطيني، وخصوصأ في حرب الإبادة التي بدأت من 7 أكتوبر 2023، وتستمر حتى الآن.

وللتاكيد على ذلك، نعود لمحتويات ونصوص إلى ما انتهت إليه (محكمة العدل الدولية) في رأيها، رداً على إستفسارات الجمعية العامة للأمم المتحدة وطلب فتوى إستشارية في 19 يناير 2024، حول العواقب القانونية الناشئة عن الانتهاك المستمر من جانب إسرائيل لحق الشعب الفلسطيني في تقرير المصير، وبسبب احتلالها الذي طال أمده، واستيطانها وضمها للأرض الفلسطينية المحتلة منذ عام 1967، بما في ذلك الإجراءات الهادفة إلى تغيير التركيبة السكانية، وطابع ووضع مدينة القدس المقدسة، ومن اعتمادها تشريعات وتدابير تمييزية ذات صلة، ومدى تأثير سياسات وممارسات إسرائيل على الوضع القانوني للاحتلال، والعواقب القانونية التي تنشأ لجميع الدول والأمم المتحدة من هذا الوضع.

وجاء رأي المحكمة الإستشاري وبأغلبية في حدها الأدني بـ11 صوتًا، من 15 صوتًا، مؤكدًا على مجموعة من النقاط الهامة، حيث اعتبرت أن استمرار وجود إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة غير قانوني، وأن إسرائيل ملزمة بإنهاء وجودها غير القانوني في الأرض الفلسطينية المحتلة في أسرع وقت ممكن.

ومن أهم النقاط أن الكيان الصهيوني ملزم بالوقف الفوري لجميع الأنشطة الاستيطانية الجديدة، وإجلاء جميع المستوطنين من الأرض الفلسطينية المحتلة، مع إلزامه بدفع تعويضات عن الأضرار التي لحقت بجميع الأشخاص الطبيعيين أو الاعتباريين المعنيين في الأرض الفلسطينية المحتلة.

وإمتد رأي المحكمة أيضا إلى أن جميع الدول ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة وعدم تقديم العون أو المساعدة في الحفاظ على الوضع الناشئ عن استمرار الوجود الإسرائيلي في الأراضي الفلسطينية المحتلة.

وفي منحى دولي مهم إرتأت (العدل الدولية) أن المنظمات الدولية، بما فيها الأمم المتحدة، ملزمة بعدم الاعتراف بشرعية الوضع الناشئ عن الوجود غير القانوني لدولة إسرائيل في الأرض الفلسطينية المحتلة، كما ينبغي على الأمم المتحدة، وخاصة الجمعية العامة، ومجلس الأمن، أن ينظروا في الطرائق الدقيقة والإجراءات الإضافية اللازمة لوضع حد في أسرع وقت ممكن للوجود غير القانوني لقوات حفظ السلام.

ولاشك أن هذه النصوص قد هزت الكيان الصهيوني المحتل، والذي هو متأكد أكثر من غيره أنه قوة إحتلال تسعى إلى مزيد من الإحتلال على أراضي دولة فلسطينية تاريخية، وأن الصهاينة محتلون بدعم أمريكي وغربي في جزء منه، وأنه هذا الإحتلال لن يدوم للأبد.

رأي المحكمة صفعة قوية على وجه كيان صهيوني محتل، لا يؤمن بأي سلام، وهو ما تؤكده ردود الفعل الأولى من إرهابيي الحكومة الصهيونية تحت إدارة، بنيامين نتنياهو، والذي يرى أن الأراضي الفلسطينية هي أرض إسرائيل والشعب اليهودي، بل يرى أن الشعب اليهودي ليس محتلا في أرضه، بما في ذلك عاصمتنا الأبدية القدس، وأن هذه الأرض موطن أجدادنا.

والأسوأ أيضا جاء على لسان وزراء حكومة نيتنياهو المتطرفة، أمثال وزير الخارجية يسرائيل كاتس، ووزير المالية بتسلئيل سموتريتش ووزير الأمن القومي إيتمار بن غفير،  والذين طالبوا بضم ما تبقى من أراضي فلسطينية إلى الكيان الصهيوني، ومستخدمين لهجة "معاداة السامية في ومحاولة لكسب تعاطف من البعض.

ويأتي السؤال ماذا نحن فاعلون بمثل هذا الرأي؟..، أعقتد أن أبسط الأمور هو الاستغلال الأمثل لما إنتهت إليه العدل الدولية بشأن عدم شرعية الإحتلال الصهيوني، من خلال حملة دولية في كل المحافل والمنتديات وفي المنظمات الدولية ووسائل الإعلام، بفضح كل جرائم الصهيونية، وبدعوة المجتمع الدولي لإلزام إسرائيل، بإنهاء احتلالها ومشروعها الاستعماري، مع الإستفادة من رأي المحكمة لتحفيز المجتمع الدولي لإنهاء الاحتلال وتمكين الفلسطينيين من أرضهم وإقامة دولتهم المستقلة وعاصمتها القدس الشرقية.
------------------------------------
بقلم: محمود الحضري


مقالات اخرى للكاتب

مؤشرات | قرارات ملغومة من وزير التعليم